فصل: الآية (190)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 قوله تعالى‏:‏ وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين

أخرج آدم بن أبي إياس في تفسيره وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله ‏{‏وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم‏}‏ قال‏:‏ لأصحاب محمد أمروا بقتال الكفار‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏ولا تعتدوا‏}‏ يقول‏:‏ لا تقتلوا النساء والصبيان، ولا الشيخ الكبير، ولا من ألقى السلم وكف يده، فإن فعلتم فقد اعتديتم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن عمر قال ‏"‏وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس قال ‏"‏كنا إذا استنفرنا نزلنا بظهر المدينة حتى يخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول انطلقوا بسم الله وفي سبيل الله تقاتلون أعداء الله، لا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا صغيرا، ولا امرأة، ولا تغلوا‏"‏‏.‏

وأخرج وكيع وابن أبي شيبة عن يحيى بن يحيى الغساني قال‏:‏ كتبت إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن هذه الآية ‏{‏وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين‏}‏ فكتب إلي أن ذلك في النساء والذرية من لم ينصب لك الحرب منهم‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين * فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم

أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ‏{‏واقتلوهم حيث ثقفتموهم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ عنى الله بهذا المشركين‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس‏.‏ أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ‏{‏ثقفتموهم‏}‏ قال‏:‏ وجدتموهم‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت قول حسان‏:‏

فإما يثقفن بني لؤي * جذيمة إن قتلهم دواء

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله ‏{‏والفتنة أشد من القتل‏}‏ قال‏:‏ الشرك أشد‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله ‏{‏والفتنة أشد من القتل‏}‏ قال‏:‏ الفتنة التي أنتم مقيمون عليها أكبر من القتل‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏والفتنة أشد من القتل‏}‏ قال‏:‏ ارتداد المؤمن إلى الوثن أشد عليه من أن يقتل محقا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد من طريق أبي بكر بن عياش عن عاصم ‏{‏ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم‏}‏ كلها بالألف ‏{‏فاقتلوهم‏}‏ آخرهن بغير ألف‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن أبي الأحوص قال‏:‏ شمعت أبا اسحق يقرؤهن كلهن بغير ألف‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش قال‏:‏ كان أصحاب عبد الله يقرؤونها كلهن بغير ألف‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود في ناسخه عن قتادة في قوله ‏{‏ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه‏}‏ قال‏:‏ حتى يبدؤوا بالقتال، ثم نسخ بعد ذلك فقال‏:‏ ‏(‏وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة‏)‏ ‏(‏البقرة الآية 193‏)‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود والنحاس معا في الناسخ عن قتادة في قوله ‏{‏ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام‏}‏ وقوله ‏(‏يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير‏)‏ ‏(‏البقرة الآية 217‏)‏ فكان كذلك حتى نسخ هاتين الآيتين جميعا في براءة قوله ‏(‏فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم‏)‏ ‏(‏التوبة الآية 5‏)‏‏.‏ ‏(‏وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة‏)‏ ‏(‏التوبة الآية 36‏)‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏فإن انتهوا‏}‏ قال‏:‏ فإن تابوا‏.‏

قوله تعالى‏:‏ واقتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس في قوله ‏{‏وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة‏}‏ يقول‏:‏ شرك بالله ‏{‏ويكون الدين‏}‏ ويخلص التوحيد لله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ‏{‏وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة‏}‏ قال‏:‏ لا تقاتلوا إلا من قاتلكم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ عن قتادة ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه، فكان هذا كذا حتى نسخ، فأنزل الله ‏{‏وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة‏}‏ أي شرك ‏{‏ويكون الدين لله‏}‏ قال‏:‏ حتى يقال‏:‏ لا إله إلا الله، عليها قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وإليها دعا‏.‏ وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول‏"‏إن الله أمرني أن أقاتل الناس حتى يقولوا‏:‏ لا إله إلا الله ‏{‏فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين‏}‏ قال‏:‏ وإن الظالم الذي أبى أن يقول‏:‏ لا إله إلا الله، يقاتل حتى يقول‏:‏ لا إله إلا الله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الربيع ‏{‏ويكون الدين لله‏}‏ يقول‏:‏ حتى لا يعبد إلا الله‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عكرمة ‏{‏فلا عدوان إلا على الظالمين‏}‏ قال‏:‏ هم من أبى أن يقول لا إله إلا الله‏.‏

وأخرج البخاري وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمر أنه أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا‏:‏ إن الناس صنعوا، وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فما يمنعك أن تخرج‏؟‏ قال‏:‏ يمنعني إن الله حرم دم أخي‏.‏ قالا‏:‏ ألم يقل الله ‏{‏وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة‏}‏ قال‏:‏ قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين

أخرج البخاري عن نافع‏.‏ أن رجلا أتى ابن عمر فقال‏:‏ ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله، وقد علمت ما رغب الله فيه‏؟‏ قال‏:‏ يا ابن أخي‏:‏ بني الإسلام على خمس‏:‏ إيمان بالله ورسوله، والصلاة الخمس، وصيام رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت‏.‏ قال‏:‏ ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه‏؟‏‏:‏ ‏(‏وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما‏)‏ ‏(‏الحجرات الآية 9‏)‏ ‏{‏وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة‏}‏ قال‏:‏ فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الإسلام قليلا، وكان الرجل يفتن في دينه، إما قتلوه وإما عذبوه حتى كثر الإسلام، فلم تكن فتنة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي ظبيان قال‏:‏ جاء رجل إلى سعد فقال له‏:‏ ألا تخرج تقاتل مع الناس حتى لا تكون فتنة‏؟‏ فقال سعد‏:‏ قد قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم تكن فتنة، فأما أنت وذا البطين تريدون أن أقاتل حتى تكون فتنة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال ‏"‏لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمرا في سنة ست من الهجرة، وحبسه المشركون عن الدخول والوصول إلى البيت، وصدوه بمن معه من المسلمين في ذي القعدة وهو شهر حرام حتى قاضاهم على الدخول من قابل، فدخلها في السنة الآتية هو ومن كان معه من المسلمين وأقصه الله منهم، نزلت هذه الآية ‏{‏الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج الواحدي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال ‏"‏نزلت هذه الآية في صلح الحديبية، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صد عن البيت ثم صالحه المشركون على أن يرجع عامه القابل، فلما كان العام القابل تجهز وأصحابه لعمرة القضاء، وخافوا أن لا تفي قريش بذلك، وأن يصدوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم، وكره أصحابه قتالهم في الشهر الحرام، فأنزل الله ذلك‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال ‏"‏أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأحرموا بالعمرة في ذي القعدة ومعهم الهدي، حتى إذا كانوا بالحديبية صدهم المشركون فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع، ثم يقدم عاما قابلا فيقيم بمكة ثلاثة أيام ولا يخرج معه بأحد من أهل مكة، فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهدي بالحديبية، وحلقوا أو قصروا، فلما كان عام قابل أقبلوا حتى دخلوا مكة في ذي القعدة، فاعتمروا وأقاموا بها ثلاثة أيام، وكان المشركون قد فخروا عليه حين صدوه يوم الحديبية، فقص الله له منهم فأدخله مكة في ذلك الشهر الذي ردوه فيه، فقال ‏{‏الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص‏}‏ قال ‏"‏فخرت قريش بردها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية محرما في ذي القعدة عن البلد الحرام، فأدخله الله مكة من العام المقبل، فقضى عمرته وأقصه ما حيل بينه وبين يوم الحديبية‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال ‏"‏أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه معتمرين في ذي القعدة ومعهم الهدي، حتى إذا كانوا بالحديبية فصدهم المشركون، فصالحهم نبي الله أن يرجع عامه ذلك حتى يرجع من العام المقبل، فيكون بمكة ثلاث ليال ولا يدخلوها إلا بسلاح الراكب، ولا يخرج بأحد من أهل مكة، فنحروا الهدي بالحديبية وحلقوا وقصروا حتى إذا كان من العام المقبل، أقبل نبي الله وأصحابه معتمرين في ذي القعدة حتى دخلوا فأقام بها ثلاث ليال، وكان المشركون قد فخروا عليه حين ردوه يوم الحديبية، فأقصه الله منهم وأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردوه فيه في ذي القعدة، فقال الله ‏{‏الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير والنحاس في ناسخه عن ابن جريج قال ‏"‏قلت لعطاء‏:‏ قول الله عز وجل ‏{‏الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص‏}‏ فقال‏:‏ هذا يوم الحديبية صدوا رسول الله صلى اللهعليه وسلم عن البيت الحرام وكان معتمرا، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة التي بعدها معتمرا مكة، فعمرة في الشهر الحرام بعمره في الشهر الحرام‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الدلائل عن عروة وابن شهاب قالا‏"‏خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام القابل من عام الحديبية معتمرا في ذي القعدة سنة سبع، وهو الشهر الذي صده فيه المشركون عن المسجد الحرام، وأنزل الله في تلك العمرة ‏{‏الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص‏}‏ فاعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهر الحرام الذي صد فيه‏"‏‏.‏

وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس‏"‏في قوله ‏{‏فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم‏}‏ وقوله ‏{‏وجزاء سيئة سيئة مثلها‏}‏ ‏(‏الشورى الآية 40‏)‏ وقوله ‏(‏ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل‏)‏ ‏(‏الشورى الآية 41‏)‏ وقوله ‏(‏وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به‏)‏ ‏(‏النحل الآية 126‏)‏ قال‏:‏ هذا ونحوه نزل بمكة، والمسلمون يومئذ قليل فليس لهم سلطان يقهر المشركين، فكان المشركون يتعاطونهم بالشتم والأذى، فأمر الله المسلمين من يتجازى منهم أن يتجازى بمثل ما أوتي إليه أو يصبر أو يعفو، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأعز الله سلطانه أمر الله المسلمين أن ينتهوا في مظالهم إلى سلطانهم، ولا يعدو بعضهم على بعض كأهل الجاهلية، فقال ‏(‏ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا‏)‏ ‏(‏الإسراء الآية 33‏)‏ الآية‏.‏ يقول‏:‏ ينصره السلطان حتى ينصفه من ظالمه، ومن انتصر لنفسه دون السلطان فهو عاص مسرف، قد عمل بحمية الجاهلية ولم يرض بحكم الله تعالى‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه‏}‏ قال‏:‏ فقاتلوهم فيه كما قاتلوكم‏.‏

وأخرج أحمد وابن جرير والنحاس في ناسخه عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى ويغزو، فإذا حضره أقام حتى ينسلخ‏.‏